الأربعاء، 10 فبراير 2010

الطقوس والمعتقدات الشعبية والاجتماعيةفي الأدب الشعبي في محافظة رام الله

ص تمثل الطقوس الاجتماعية جزءاً هاماً من التراث والأدب الشعبي الفلسطيني، وقد شكل الأدب الشفاهي المحفوظ في صدور أبناء الشعب ووجدانه دعامة أساسية لبقاء هذه الطقوس، كان الأمر أكيداً لوقت ليس بعيداً، أما اليوم فخطر ضياع هذا الإرث أو هذا الكنز يتهدد فلكلورنا الشعبي، إذ نستطيع الحفاظ على الأدب الشعبي بتدوينه، وتصاحب هذه الطقوس والممارسات إيماءات وحركات يصعب تسجيلها، محفوظة في صدور الجدّات ومعرضة للموت مع موتهن، وهي تتلاشى شيئاً فشيئاً مع مرور الأيام. من هنا كانت أهمية هذه الدراسة للمحافظة على هذا الموروث، وتدوينه وتوثيقه ودراسته، فتناولت في التمهيد الطقس والسلوك الإنساني، فأزلت الغموض عن هذا المصطلح، ثم بينت ارتباطه بقوى خارجية غيبية أساسها الخوف وطلب الحماية من الخالق، لقد تتبعت الطقوس منذ اللحظة التي يتمنى الإنسان الإنجاب، فكان هذا مدار بحثي في الفصل الأول (طقس ما قبل الولادة)، حيث تطرقت إلى الطقوس السحرية التي تلجأ المرأة إليها كي تنجب أو تحافظ على حملها إذا ما حملت،ومنها طقس الوقوف أمام الولي وتقديم النذور والدعاء عند قبر القتيل "قُتِلَ ظلماً"، وطقس بلع (القطعة) مخلفات عملية الختان، ثم بينت ما تتعرض له الحامل من محاولات لقتلها أو إجهاضها من القرينة، وأوردت الطقوس السحرية لطرد هذه القرينة وإبعاد أذاها ومنها استخدام التمائم والأحجبة والتعاويذ والتمويه. وفي الفصل الثاني (طقس الولادة)، تحدثت عن طقوس الولادة ومنها ما تقوم به المرأة لتسهيل هذه العملية والتعاويذ السحرية التي ترافقها، ورأيت أن الماء المستخدم في حمَّام الطفل يشبه الماء المقدس، ماء التعميد في الديانات أو ماء الطوفان الذي يعمد الأرض تمهيداً للميلاد وبعث جديد، ثم مررت على مراحل حياة الطفل وما تحويها من طقوس مثل قص الشعر، وتقديم الفدو والعقيقة، وأوردت الرقى والتعاويذ التي تطرد العين الحاسدة، والقرينة التي تسبب للطفل المرض والأذى، ثم انتقلت للطقوس في مرحلة ظهور الأسنان، ومرحلة المشي وأخيراً تحدثت عن مرحلة الختان،مؤيدة كل ذلك بالأمثلة والأغاني الشعبية. أما الفصل الثالث (طقس الزواج)، فقد تتبعت فيه الطقوس التي تصاحب عملية البحث عن العروس ثم طلبها، وخطبتها، وكسوتها، وحِنّاها إلى أن وصلت للزفة ورش الماء والشعير، وكنت أورد الطقس مدعوماً بالأدب الشعبي، ثم أعود إلى جذوره الأسطورية القديمة التي تبدأ من الإنسان النتدارلي أحياناً، أي قبل مئتي ألف سنة قبل الميلاد، وحتى العصر الروماني ثم الجاهلي في كثير من الأحيان، أما الفصل الرابع (طقس الموت) فأوردت مراحله منذ لحظة النزاع الأخير وانتقال المحتضر ما بين عالم الأحياء وعالم الأموات إلى لحظة إعلان الوفاة فغسل الميت وتكفينه ثم خروج النعش، والصلاة عليه ثم دفنه باتجاه معين وتلقينه ما سيقول استعداداً لبعث جديد، وذكرت تقديم القرابين للميت والحرص على سقايته، ثم تشاؤم الأحياء منه وخوفهم من أذاه، وفي كل هذا أوردت الطقوس الحديثة متزامنة مع وجودها في الأدب الشعبي ثم قارنتها مع الطقوس القديمة، وقد توصلت إلى استنتاجات كثيرة تؤكد أن إنسان اليوم ما يزال يمارس طقوساً قديمة تمتد إلى مئات الآلاف من السنين، وأن الإنسان الحديث في جزء كبير من لا شعوره يعود إلى بداياته ونموذجه الأول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق